الأسئلة الأكثر شيوعا عن البرمجيات الحرة4

12-الاختلاف بين التوزيعات ضار أم مفيد

الكثير من المنضمين حديثا إلى أنظمة جنو لينوكس يصابون بالحيرة من كثرة ما يسمع عن تنوع التوزيعات ، بصفة عامة فإن التنوع في حد ذاته شيئ جيد ، فما أفضله أنا ربما لا يفضله غيرى ، هذا الأمر يمكنك أن تطبقه في شتى مجالات الحياة ، ولكن دائما ما تجد أن السؤال الأكثر تكرارا هو ما هي التوزيعة الأفضل ؟هذه النقاشات العقيمة لأنها لن تخرج منها بفائدة ، لذلك سأحاول هنا أن أكون أكثر تحديدا من الناحية التقنية ، يمكنك تقسيم التوزيعات حسب الغرض من الاستخدام فهناك توزيعات للخوادم وهناك توزيعات لسطح المكتب ، أيضا فإن هذه التوزيعات يتم تقسيمها حسب نوع العتاد المستخدم فهناك توزيعات معدة لمعالجات أنتل وأخرى لمعالجات اى أم دى أيضا هناك توزيعات تصلح للأجهزة القديمة ومنخفضة القدرات وأخرى تصلح لمن لديه جهاز ذو مواصفات مرتفعة ، إلى الآن فالأمر مفهوم .

أما برمجيا يمكنك أن تقسم التوزيعات إلى ثلاثة أقسام هناك توزيعات ريدهاتية وأخرى توزيعات ديبيانية و توزيعات مصدرية ، وتم تسمية هذه المسميات على أساس نوعية الحزم التي تم بنائها من أجل كل توزيعة ، فكل نوع من هذه الأنواع تجد أن هناك توزيعات فرعية قد بنيت عليها ، وقد يقوم أحد المبرمجين بعمل توزيعة تعتمد على إحدى هذه التوزيعات الفرعية وذلك لأن الشيفرة المصدرية حرة ومتاحة للجميع .

تختلف التوزيعات عن بعضها البعض من حيث الأدوات والبرمجيات الملحقة بكل توزيعة ، فمثلا هناك اختلاف بين إصدارة النواة المستخدمة ونوعية محمل الإقلاع ونوعية الشل الافتراضي ونوعية بيئة سطح المكتب ونوعية مدير الحزم ونوعية الحزم نفسها وبعض الأدوات الخاصة التي تختلف من توزيعة لأخرى .

هذا العدد الرهيب من التوزيعات يصيب المستخدمين الجدد بالدوار من الوهلة الأولى ، لذلك فإن اختيار التوزيعة يعد أمرا صعبا في بداية استخدام النظام ، لكن الأمر الجيد الذي يجب أن تعرفه أن ما يمكنك أن تحققه من خلال إحدى التوزيعات تستطيع أن تفعله باستخدام توزيعة أخرى حيث يمكنك جنو/لينوكس من تخصيص نظامك بدرجة لا تستطيع أن تفعلها في أي نظام آخر ، الأمر الآخر أنه يمكنك أن تقوم بتنزيل عدة توزيعات من الشبكة أو استعارتها من أحد أصدقائك ثم تقوم بتجربتها كأسطوانة حية بدون أن تنصبها على جهازك وبدون عمل تقسيم وعندما تستقر على إحداها قم بتنصيبها وتعلم عليها فورا لأن هناك الكثير من الأمور المتشابهات بين التوزيعات المختلفة مما يسهل عليك الانتقال إلى توزيعات أخرى إذا أردت.

لعلك الآن أدركت أن التنوع يعد ميزة لا غنى عنها فهو يتيح لك أن تستخدم ما يناسبك بعكس الأنظمة الأخرى التي تعطيك خيارات أقل !

ربما نجد بعض التعصب الأعمى لأحد محبي توزيعة معينة على حساب توزيعات أخرى يبذل القائمون عليها جهودا جبارة لنشر فكر البرمجيات الحرة بدون أن يحصلوا على مقابل ، وغالبا ما يستغل هذه النقطة أصحاب البرمجيات المملوكة حيث يدعون أن مبدأ التعدد القائم عليه أنظمة جنو/لينوكس كما أنه هو السبب في انتشار هذه النوعية بين البرمجيات لفئات مختلفة من المستخدمين فانه ينمو معها أيضا عوامل الخلاف التي ربما تؤدى أيضا انهيار النظام بأكمله وابتعاد المستخدمين عنه .

أغلب مستخدمي البرمجيات الحرة في وطننا العربي مبتدئون ولذلك تجدهم أكثر الأشخاص حيرة في أي نوع من التوزيعات يستخدمون ، الحقيقة الغائبة عن هؤلاء أن نظام التشغيل في حد ذاته وسيلة وليس هدف ولكن من حق المستخدم في استخدام الوسيلة التي يرى أنها مريحة وسريعة وآمنة وليس سهولة التوزيعة مثلا دليلا على تفاهة القائمين عليها بلا ولكنه يدل على مدى الجهود الجبارة التي يبذلوها حتى تصل إليك التوزيعة في أجمل صورة ممكنة ، لذلك كن حريصا على عدم ادعاء أن توزيعتك هي الأفضل بلا منازع ، اترك المستخدم يحدد التوزيعة التي يرغب فيها لأن قدرات الأشخاص تختلف هناك من هو قادر على التعامل مع أصعب التوزيعات وحل أصعب المشكلات ولكن هناك أشخاص آخرين غير قادرين ، لأنه عندما يتحول الاختلاف بين التوزيعات إلى خلافات تكون الحرب بين التوزيعات حربا بلا عقيدة أو ميدان .

البرمجيات الحرة كفلت حق كل المستخدمين باختلاف قدراتهم واحتياجاتهم على اختيار التوزيعة التي يرغبون في استخدامها ، عندما يتحول الاختلاف بين التوزيعات إلى خلاف فهذه مشكلة فكرية يعانى منها كثيرا المجتمع العربي والتي يمكن تعريفها بثقافة الأزمة !

13- مدى التزام التوزيعات بالبرمجة الحرة

اليوم بعد التطور الكبير الذي يشهده جنو/لينوكس واتساع المجتمع الحر إلى أفق لم يسبق لها مثيل ، نجد أن كثيرا من المهاجرين من أنظمة التشغيل الأخرى يريدون أن يقوموا بتشغيل البرمجيات الامتلاكية على أنظمتهم الحرة على الرغم من توفر البدائل البرمجية المناسبة للكثير من التطبيقات التي اعتادوا العمل عليها منذ سنوات طوال ، لذلك ستجد أن هناك توزيعات حرة بصورة كاملة بينما هناك بعض التوزيعات التي ربما تضطر إلى إضافة بعض القطع البرمجية الامتلاكية مثل مشغلات الأجهزة التي ترفض الشركات الصانعة لها فتح الشيفرة المصدرية لمنتجاتها مع ملاحظة أن هذا الأمر على الرغم من أنه مشكلة أخلاقية لأنه يسمح بتشغيل برمجيات مملوكة في بيئة عمل حرة إلا أن ذلك قانونا لا يعد اعتداء على حقوق هذه الشركات لان المشغلات الامتلاكية تكون مرفقة مع رخصة الاستخدام الخاصة بالشركة المنتجة و بالتالي فالمستخدم هو الذي يوافق على تشغيل هذه البرمجيات وبالتالي فكامل المسئولية تقع عليه وليس على مسئولية مبرمجي التوزيعة .

يشهد مجتمع المصادر الحرة نموا مطردا وانضمام الكثير من المؤسسات البرمجية وشركات تصنيع الأجهزة لدعم نظام جنو/لينوكس بعدما أصبح فكر البرمجيات الحرة مفهوما للجميع ووجدوا فيه الكثير من الفرص التي تعطى شركاتهم أسواقا جديدة يعملون خلالها ، لذلك من المتوقع أن يتزايد عدد الشركات الداعمة للبرمجيات الحرة وربما نسمع في يوم من الأيام عن اختفاء البرمجيات المملوكة من بيئة عمل نظام جنو/لينوكس .

تجرى حاليا الكثير من الجهود لاستبدال كل ما يحتاجه المستخدمين من برمجيات مملوكة ببرمجيات حرة مثل مشغلات الأجهزة أو برامج الجافا أو الكوديك أو الفلاش أو بعض الخطوط أو حتى برمجيات حرة قادرة على فتح وتعديل الملفات المحفوظة بصيغ امتلاكية!

14- غياب المنافس الحقيقي والجدالات العقيمة

أيهما أفضل لينوكس أم ويندوز
أيهما أفضل توزيعتي أم توزيعتك
أيهما أفضل كيدى أم جنوم

هذه من أكثر الجدالات والمناقشات التي قد تراها بين المستخدمين ، المشكلة هنا ليست النقاش وحسب ولكن الخروج عن الطريقة التقنية للشرح أو آداب الحوار فالاختلاف دائما ليس سيئا كما يعتقد البعض لكنه ميزة تتيح لك الكثير من البدائل التي ربما لن تجد ضالتك إلا بين سواها ، أبسط حقوق المستخدم الحر أن يستخدم ما يريد وليس أن نقوم دائما بمهاجمة بعضنا البعض ويظل الخاسر الوحيد هو المستخدم لأن مثل هذه النقاشات إن خرجت عن الطابع التقني في الحوار فأنت ترسم صورة سيئة لمجتمع البرمجيات الحرة التي أنت أحد أعضائها حاليا ، احرص دائما على النصح والإرشاد وليس على التهكم والهجوم لكل من يخالفك الرأي وربما يجانبه الصواب ، النظام حر موجه إليك استخدم ما شئت وجرب ما شئت هذه أبسط حقوقك ولا تتنازل عن ذلك ، كل توزيعة لديها الكثير من المستخدمين ونحن هنا مجتمع تعاوني لن يبخل عنك أحد بمعلومة إن احتجت إليها ، هناك الكثير من المواضيع المميزة اقرأها ، وهناك الكثير من الكتب العربية اقرأها ، وهناك قسم للدروس المرئية وقناة للمجتمع ودورة المجتمع كلها أشياء جيدة استفد منها ، عليك بالبحث أولا وثق أنك ستجد كل ما تسأل عنه مجاب عليه الكثير من المرات ، فإن لم تجد ضالتك اكتب موضوعا عن استفسارك .

ما سبق كان موجها للمبتدئين ، ولكن ماذا عن المستخدمين المحترفين أو القدامى على الأقل ، وكما ذكرت هذه وجهة نظري وربما يختلف الكثير معي في الرأي لذلك فأنا أرحب بكل الآراء فربما يجانبني الصواب أو العكس ، الكثير من النقاشات تخرج عن الهدف من الموضوع الرئيس ربما تجد أحدهم بدلا من أن يتكلم عن توزيعة يستخدمها منذ سنوات تجده يهاجم هذه التوزيعة أو تلك بمناسبة وبدون مناسبة وينسى أن هناك المئات من القراء الذين يقرئون هذه النقاشات لأن هذه النقاشات غالبا ما تحتاج إلى شخص خبير في هذه التوزيعات حتى يفهم كل ما يقال ، وهذا أيضا يعطى انطباعا سيئا عن كل التوزيعات فليس هناك كمال في التوزيعات وإلا ما كانت هناك تطويرات وإصدارات جديدة وهكذا ، هنا ونتيجة النقاشات الحادة نخسر أهم ما يتميز به مجتمع البرمجيات الحرة وهو روح التعاون والوفاق فلن تجد هناك مجموعة عمل مكونة من أشخاص متخاصمين ، ولذلك فإن النزاعات والاختلافات بطريقة تخرج عن النقاش التقني وآداب الحوار يضع حد النهاية للكثير من مشاريع البرمجيات الحرة ! وهناك تجارب عربية على ذلك ؟!

15- المصادر الحرة ماذا أعطيناها وماذا أخذنا منها

هذا هو السؤال الوحيد الذي كثيرا ما تمنيت أن أسمع إجابة عنه فكثيرا ما يراودني في خاطري ، ماذا أخذنا من البرمجيات الحرة لقد أعطتنا الكثير قبل أن تعطينا البرامج أعطتنا الحرية التقنية والتي تفتقر إليها بلادنا العربية ، حيث أن البرمجيات الحرة تعد الأمل الوحيد لدول العالم الثالث أو ما يسمى بالدول النامية اقتصاديا ، هناك الكثير من المسئوليات التي تقع على كاهل شعوبنا العربية منها تحقيق الأمن والاستقرار والاكتفاء الذاتي ولكن ما علاقة هذا بالبرمجيات الحرة ! البرمجيات حاليا موجودة في كل مجالات الحياة العلمية والتعليمية والثقافية والترفيهية وبدون البرمجيات سوف تتوقف مسيرة الحياة فكل شيء اليوم يعمل بالبرمجيات بدءا من تليفونك المحمول والآلة الحاسبة وحاسوبك الشخصي وهناك مشاريع في بعض الدول لتطبيق استخدام الحاسوب في الإدارات الحكومية بما يسمى الحكومة الإلكترونية !

اليوم من لا يمتلك حريته لا يمتلك حياته لأنك ستكون مسيرا ولست مخيرا بأمر من الشركات الاحتكارية والتي تسعى لتحقيق أهداف من يقوم برعايتها ماذا تفعل لو قاموا بإيقاف دعمهم لك هل تخضع لمطالبهم في مقابل إحدى مشغلات أم بى ثرى ، استخدام الحاسوب اليوم أصبح ليس أمرا ترفيهيا بقدر ما هو ضرورة من ضروريات الحياة، تجده في المدارس والجامعات و المستشفيات تجده في المصانع تجده في الشركات تجده في كل مكان .

لقد اتخذت الكثير من الدول قرارات استراتيجية بتغيير أنظمة البرمجيات التي تستخدمها منذ سنوات طوال إلى البرمجيات الحرة ، بالطبع لم يأت هذا التوجه من فراغ ولكن أتى من إيمان القائمين على هذه الدول بمدى جدية هذه التغييرات ومدى العوائد التي يمكن أن تحققه هذه البرمجيات .

نرى اليوم العديد من التوجهات من أبناء شعوبنا العربية في محاولة لنشر هذه التقنيات وتذليل الصعاب من تعريب للواجهات والبرمجيات لتكون أكثر سهولة في التعامل وهذا أمر جيد نرغب أن يحدث تزايد في القائمين عليه ودعمهم تقنيا واقتصاديا حتى لا تموت مشروعاتهم سريعا !

اليوم أوجه كلماتي إلى مجتمع البرمجيات الحرة العربية ، الكل يجب أن يشارك في صناعة نهضة شاملة من لديه قدرة على الترجمة يمكنه أن يترجم العديد من المقالات التقنية ، ومن لديه القدرة على التنسيق والرسم باحتراف يمكنه أن يساهم في إخراج مشروعات الكتب العربية في صورة مشرفة ، ومن يمكنه أن يساهم في اختبار البرامج و مراسلة المطورين لإخبارهم عن مشاكلها فليفعل ، من تعرض إلى تجربة مفيدة مع إحدى التوزيعات أو البرامج يمكنه أن يكتب عن تجربته ليستفيد منها الآخرين، من يقرأ مشكلة لمستخدم ما فليساهم معه في حلها ، البعض قد يريد الدعاية لجنو/لينوكس وهذا أمر مطلوب أم من لم يجد نفسه من المهام السابقة يمكنه مثلا أن يتبرع لإحدى المشروعات البرمجية التنموية غير التجارية .

التطوير في مجتمع البرمجيات الحرة ليس مقصورا على أشخاص دون أشخاص ، كل شخص يساهم بقدر معرفته واستطاعته ولا تنس أننا كمجتمع حر ولسنا مثلا إحدى المؤسسات التجارية فلذلك فتقديم المساهمة ليس مشروطا بأجر مادي مثلا فبقدر اهتمامك بإفادة الآخرين سيكون هناك اهتمام من الآخرين بإفادتك أيضا ، إذن فتبادل المعرفة بين الأعضاء هو العمود الفقري لاستمرار البرمجيات الحرة .

غياب دور المبرمج العربي

هناك العديد من التوزيعات العالمية والبرامج المعروفة المشهورة تجد المشاركات فيها مفتوحة لمن شاء ولن تقف طريقة الالتقاء بالمبرمجين الآخرين عقبة أمامهم فشبكة الإنترنت توفر لهم الوصول والالتقاء بالأشخاص الذين يريدون وقتما يريدون ، ولكن أين هم المبرمجين العرب من هذا ، هل هم غائبون فعليا أم مغيبون ، لم أسمع يوما عن مبرمج عربي أقام مشروعا برمجيا أو شارك في مشروعات كبيرة ربما يكون العيب منى أو تقصير ، ربما يكونوا موجودون ولكنهم لا يرغبون في الشهرة مثلا وهذا حقهم ولكن من حقنا أن نفتخر بهم ويكونوا لنا قدوة نسير على طريقهم ونسلك دربهم ، هل شبابنا وأبنائنا راغبون في الاستفادة من نموذج البرمجيات الحرة أم انهم غير راغبين أم مغيبين أم مقهورين ، تنتشر في وطننا العربي كليات ومعاهد البرمجة والتقنية الحاسوبية لكنهم أين يذهبون هل هم معنا هنا وغير مشاركين أم انهم ينتظرون فرصا سانحة لهم ليسافروا هناك بعيدا إلى الحي الغربي !

البرمجيات الحرة تعطيهم فرصة كبيرة في التعرف على الشيفرة المصدرية لمشروعات كاملة يمكنهم أن يدرسوها ويتعلموا منها ويصقلوا مواهبهم من خلالها مما يعطيهم ميزة تنافسية في سوق العمل ، هل تنقصنا المهارة الفنية لكى نشارك في تطوير البرمجيات الحرة ، هل تنقصنا الكفاءة لكى نقيم مشروعات تخدم أبناء وطننا العربي ، هل يوجد لدينا من يرغب في تبنى مشروعات عربية برمجية حرة ودعمها ماديا وتقنيا أم أننا لا زلنا ننتظر المدد الغربي لنا في جميع المجالات ؟ هل ساهمت قرصنة برامج الويندوز وعدم احترام حقوق ملكيتها وبيعها بأبخس الأثمان إلى ابتعاد الشباب العربي عن البرمجيات الحرة ؟ هل قتل الجو العام في وطننا العربي من انتشار للفقر والبطالة والإحباط طموح الشباب العربي ؟

إنها صرخة أمل أفيقوا يا عباد الله ماذا تنتظرون ؟

م / صبرى عبدالله

اقرأ المزيد


تعليقات