إعانة على شارعين أم .... ؟!


خلف الحربي
في صفحة كاملة نشرت وزارة العمل شروط إعانة العاطلين، وكان كل شرط من هذه الشروط أصعب من الثاني لدرجة أنني تخيلت أنها صممت خصيصا كي لا تنطبق على أحد. لماذا اللف والدوران يابني حافز ؟ ..( قولوا مافيه فلوس وخلصونا) ..لقد تبهذل العاطلون والعاطلات أثناء التسجيل في البرنامج، وتزاحموا أمام البنوك للحصول على حسابات بنكية تصب فيها وزارة العمل الإعانة المنتظرة وطردتهم البنوك شر طردة؛ لأنهم عاطلون ولن تستفيد من تزاحمهم سوى وجع الدماغ، وفي نهاية الفيلم لم تأت الإعانة في موعدها، بل وضعت الوزارة شروطا في غاية الصعوبة، ثم وضعت جملة في نهاية الإعلان تقول فيها إن الإعانة سوف تصرف لمن تنطبق عليهم هذه الشروط لمدة عام واحد فقط فتخيلت أنها ترسل رسالة مبطنة للمتقدمين ملخصها : ( المسألة لا تستحق كل هذا العناء ) . 
باختصارالإعانة (طلعت فاشوش) ولن تصرف إلا للقلة القليلة الذين سوف تنطبق عليهم هذه الشروط العجيبة، والله يعوض علينا وعليكم، وهذا ما كنت أتوقعه منذ الإعلان عن برنامج حافز . والمشكلة هنا ليست في (الفاشوش )، بل في مبدأ صرف الإعانة. فمن تابع الموضوع منذ خطواته الأولى يشعر بأن الوزارة لديها مبلغ محدد تريد أن توزعه على عدد محدد من العاطلين اعتبارا من بداية العام الهجري حتى نهايته، ثم تنتهي الحكاية من أساسها ..وكل عام وأنتم بخير ! . 
وأود بهذه المناسبة (الفاشوشية) أن أشرح لكم فكرة صرف إعانة العاطلين في أغلب دول العالم. حيث توجد هيئة مركزية تكون مهمتها صرف الإعانة للعاطلين والبحث عن وظائف لهم في الوقت ذاته، بحيث إن العاطل يمكن أن يحصل على هذه الإعانة إلى ماشاء الله حتى تجد الهيئة الوظيفة المناسبة، وإذا فصل من العمل لأسباب لاعلاقة له بها تعاود صرف الإعانة له حتى يحصل على وظيفة جديدة. فالمبدأ في هذه الدول يقوم على أن توظيف المواطنين هو مسؤولية الدولة وأن بقاءهم دون عمل أو أي مصدر دخل يكلف الدولة الكثير من الناحيتين الاجتماعية والاقتصادية . 
هناك فرق كبير بين إعانة العاطلين و (الشرهة)، وهذا الفرق المبدئي هو الذي جعل إعانة حافز بلا قيمة؛ لأن العاطلين ليسوا مسؤولين عن بطالتهم، بل برامج التوظيف في الأجهزة الحكومية هي المسؤولة عن ذلك، وقد جرت العادة في الأزمات الاقتصادية أن تتحمل الدول الغربية فاتورة ضخمة بسبب صرفها إعانات للموظفين الذين استغنت عنهم شركاتهم لأنها تعلم أن هذا الموظف المفصول ليس له علاقة بالأزمة الاقتصادية التي ألقت به إلى الشارع، وبسبب هذه الفاتورة الضخمة لإعانات العاطلين فإن وزارات العمل في هذه الدول تكثف جهودها للبحث عن وظائف للعاطلين؛ كي تخفف من الفاتورة التي ترهق ميزانيتها ..أي أن (حافزهم ) على وزارة العمل وليس على المواطنين. 
ونحن اليوم لا نمر بأزمة اقتصادية، بل لدينا فوائض والحمد لله، ومن الأولى أن توجه هذه الفوائض لإعانة أبنائنا وبناتنا الذين درسوا وتعبوا وتزاحموا بملفاتهم الخضراء أمام الوزارات والشركات دون جدوى. هم في أول الأمر وآخره ضحية غياب التخطيط منذ اللحظة التي دخلوا فيها المدرسة حتى وجدوا أنفسهم في الشارع، لذلك أتمنى إلغاء برنامج حافز واستبداله ببرنامج يخدم الأهداف السامية والحيوية التي جاءت من أجله هذه الإعانة، وفي كل الأحوال يجب أن تركز وزارة العمل على المبدأ الذي يقوم عليه الصرف لأنه النقطة التي يمكن أن تتحول فيها الإعانة إلى(....). 

تعليقات